تقع قرية بني بويلول عند سفح أعلى قمم جبال الأطلس
المتوسط الشمال الشرقي. يتراوح علوها عن مستوى البحر بـ 1887م.
تظهر جبال المنطقة أكثر ارتفاعا تمثل سلسلة مرتفعة تغلق الأفق بقممها التي تحتفظ بالثلوج طيلة السنة وسفوحها التي تكسوها الغابة. إنها من القرى المعروفة بتساقطات ثلجية مهمة كدزات
الصوف (تيلِيسَا أودْفَلْ)، في فصل الشتاء يتناثر
البرد والصقيع في أرجائها، يعيش سكانها في ظروف قاسية تجعلهم في
عزلة تامة عن محيطهم الخارجي، تصبح القرية محاصرة من جميع الجوانب، تنخفض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر، الكل في حالة تأهب واستعداد لهذا الفصل القارس(اتْبيشَا).
![]() |
| بني بويلول تحت أكوام الثلوج |
ما زلت أتذكر ليلة الشتاء القارس عندما جاءت بالثلوج الكاسحة لكل شيء، إنها ليلة ثلجية بمعنى الكلمة، ليلة من ليالي رمضان في أوائل الستينات القرن الماضي، قمنا لنتناول وجبة السحور، لكن هيهات هيهات قد فات وقته، لأن الظلام أسدل ستاره على المنطقة بأكملها، يخيل إليك كأن الوقت ما زال مبكراً، تبدل الحال كأنك في عالم آخر، جو مغمور بالثلج مع الضباب الكثيف وانعدام الرؤية، الإستنارة كانت تعد من أعواد شجرة االصنوبر«تَايْدَا»، يطلق عليها باللهجة المحلية إسم «إقَزّيوَنْ» لغياب وسائل أخرى كالشمع وغيره، إنها من الذكريات الماضي التي عشتها في قريتي العزيزة ما زالت راسخة في ذاكرتي منذ صغري، أما من كان قدره أن يقطن في مناطق أعمق كمنطقة بني بويلول فسيكون مصيره العيش في الظلام، ومواجهة أوضاع قاسية في قلب جبال الأطلس المتوسط. أهلها يقومون
بإشعال الحطب لينعموا بالدفء في هذا الجو القارس، النار فاكهة الشتاء كما يقال،
النار مهمة في هذه المنطقة الباردة كمصدر للحرارة والدفء والطبخ وإذابة الثلج للحصول على الماء، الكل محاصر داخل مأواه، لن
يتحرك أحد من مكانه إلا لأداء صلاة أو لقضاء حاجة، إنهم مرغمون على البقاء في
بيوتهم الطينية المتواضعة، إنها هيمنة الطبيعة على كل الكائنات، الثلوج الكثيفة تغطي أسطح
المنازل وتغلق الأبواب، إزاحتها فوق السطوح تعيق السير في الأزقة بسبب تراكمها (إعَكِّيمَنْ
أودْفَلْ)، يعيش سكان هذه القرية المنسية تحت رحمة الطبيعة.
في فصل الشتاء، تمر على بني بويلول فترات من البرودة الشديدة مصحوبة بتساقطات ثلجية كثيفة، مع عديد من الإضطرابات الجوية، التي تؤثر على جميع الكائنات، تترك أثرا سلبيا على المنطقة بأسرها، أضرار عديدة على كل ما هو موجود في الطبيعة، إنجرافات في الأراضي، أضرار في المباني والمزارع، النقص في المواد الغذائية وأعلاف الماشية، إمكانيات بسيطة لا تلبي حاجيات الأسر، المعاناة من أمراض تنفسية وغيرها، تورم الأصابع وتشققات جلدية (إينْزْلاَ)، الإعتماد على العلاج التقليدي بسبب غياب الأدوية، يرتعشون من شدة البرد، الحصار لكل شيء، عزلة السكان عن بعضهم البعض، كل في مأواه يداوي جراحه بالصبر، لا يفارقون بيوتهم ليل نهار، يتحلقون حول النار للتدفئة، يتحملون جميع معاناتهم بالصبر، إنها حقا معركة شرسة ضد هذا البرد القارس (أصَمِّيتْ)، يحاربون بقوتهم الداخلية المبنية على العزيمة والصبر والتضامن، يستمر الحال على هذا الوضع إلى أن تنقشع الغيوم جزئيا، وتعم الفرحة الجميع بهذا الإنفراج المؤقت.
وبمجرد الهدوء بعد سكون العاصفة، يخرج السكان من بيوتهم لينعموا بدفء الشمس التي تتخللها الغيوم في جو بارد، إنه برد قارس يلفح الوجوه لفحا، ويدمع العيون دمعا، انعكاس أشعة الشمس على الثلج تدمع العيون كذلك وتعيق النظر، منهم من يجلس في مكان بجانب الجدران (اتْسامًرْتْ)، وخاصة منهم كبار السن الذين يستغلون هذه الفرصة للإحماء في أشعة الشمس مع تبادل الحديث في أمور مختلفة، وآخرون يقومون فورا لمزاولة أعمالهم اليومية الممكنة في هذا الوقت الوجيز، حسب أهميتها التي لا بد منها لربح الوقت وعدم ضياع فرصة العمل، وبالتالي فإن التباين المذهل في هذه البلدة المحبوبة بين الصقيع والبرد والعاصفة التي يمكن أن تقع في يوم ما، بينما تعود الشمس في اليوم التالي وتعيد الحرارة الباردة إلى الدفء المنعش وفرحة العيش، هكذا تمر أوقات بني بويلول في فصل الشتاء، إنها مأساة تتجدد كل عام. إنها منطقة تتطلب الكائنات التي اعتادت على الحرمان والأخطار والاتعاب والمشقة من جميع أنواعها. وبمجرد رؤيتهم في أماكن أخرى خارج بلدتهم يتبين لك أنهم مسلحون لهذه المعركة الدائمة التي تقدم لهم الحياة اليومية.
ولكن لا ننسى الدور الفعال الذي تلعبه الثلوج في تحسين الغطاء النباتي، في تغذية مخزون المياه الجوفية والرفع من مستوى مياه العيون المعدة للري وأغراض منزلية.
في فصل الشتاء، تمر على بني بويلول فترات من البرودة الشديدة مصحوبة بتساقطات ثلجية كثيفة، مع عديد من الإضطرابات الجوية، التي تؤثر على جميع الكائنات، تترك أثرا سلبيا على المنطقة بأسرها، أضرار عديدة على كل ما هو موجود في الطبيعة، إنجرافات في الأراضي، أضرار في المباني والمزارع، النقص في المواد الغذائية وأعلاف الماشية، إمكانيات بسيطة لا تلبي حاجيات الأسر، المعاناة من أمراض تنفسية وغيرها، تورم الأصابع وتشققات جلدية (إينْزْلاَ)، الإعتماد على العلاج التقليدي بسبب غياب الأدوية، يرتعشون من شدة البرد، الحصار لكل شيء، عزلة السكان عن بعضهم البعض، كل في مأواه يداوي جراحه بالصبر، لا يفارقون بيوتهم ليل نهار، يتحلقون حول النار للتدفئة، يتحملون جميع معاناتهم بالصبر، إنها حقا معركة شرسة ضد هذا البرد القارس (أصَمِّيتْ)، يحاربون بقوتهم الداخلية المبنية على العزيمة والصبر والتضامن، يستمر الحال على هذا الوضع إلى أن تنقشع الغيوم جزئيا، وتعم الفرحة الجميع بهذا الإنفراج المؤقت.
وبمجرد الهدوء بعد سكون العاصفة، يخرج السكان من بيوتهم لينعموا بدفء الشمس التي تتخللها الغيوم في جو بارد، إنه برد قارس يلفح الوجوه لفحا، ويدمع العيون دمعا، انعكاس أشعة الشمس على الثلج تدمع العيون كذلك وتعيق النظر، منهم من يجلس في مكان بجانب الجدران (اتْسامًرْتْ)، وخاصة منهم كبار السن الذين يستغلون هذه الفرصة للإحماء في أشعة الشمس مع تبادل الحديث في أمور مختلفة، وآخرون يقومون فورا لمزاولة أعمالهم اليومية الممكنة في هذا الوقت الوجيز، حسب أهميتها التي لا بد منها لربح الوقت وعدم ضياع فرصة العمل، وبالتالي فإن التباين المذهل في هذه البلدة المحبوبة بين الصقيع والبرد والعاصفة التي يمكن أن تقع في يوم ما، بينما تعود الشمس في اليوم التالي وتعيد الحرارة الباردة إلى الدفء المنعش وفرحة العيش، هكذا تمر أوقات بني بويلول في فصل الشتاء، إنها مأساة تتجدد كل عام. إنها منطقة تتطلب الكائنات التي اعتادت على الحرمان والأخطار والاتعاب والمشقة من جميع أنواعها. وبمجرد رؤيتهم في أماكن أخرى خارج بلدتهم يتبين لك أنهم مسلحون لهذه المعركة الدائمة التي تقدم لهم الحياة اليومية.
ولكن لا ننسى الدور الفعال الذي تلعبه الثلوج في تحسين الغطاء النباتي، في تغذية مخزون المياه الجوفية والرفع من مستوى مياه العيون المعدة للري وأغراض منزلية.
تعاني بني بويلول من عدة مشاكل اجتماعية
واقتصادية إضافة إلى قساوة مناخها ووعورة تضاريسها، لقد تحملت الكثير من الأزمات، مسارها المتعلق بالحياة
المعيشية يصبح مشكلاً عويصاً في هذا الفصل القارس، ولهذا تتشكل سلسلة من الأعمال
الإجتماعية والتضامنية بين سكان القرية، التكافل الإجتماعي هو صيغة من صيغ
التعايش للتخفيف من وطأة البرد والحاجة، مع حلول فصل الشتاء تزداد معاناتهم من
موجات الصقيع، والتصدي لها
يجب توفير حطب تدفئة، مؤونة للعيش، كساء من صوف، علف الدواب مع الصبر والتضامن حتى يتمكنوا
رفقة ماشيتهم من الاستمرار في الحياة اليومية.
محاربة البرد تبقى من أولوياتهم، يتم الاستعداد له بكل حزم للخروج بأقل الخسائر


