recent
أخبار ساخنة

الانشطة الفلاحية التقليدية المزاولة في قرية بني بويلول



تبدأ السنة الفلاحية عند آيت بويلول في أواخر فصل الشتاء، وغالباً ما يتأخر وقتها بسبب مناخها المتصف بالبرودة والغير المستقر، تبدأ عملية الحرث في الاراضي البورية والمسقية إبتداء من شهر فبراير، من الأعمال التي تقام في النشاط الزراعي هي إعداد الاراضي الفلاحية المسقية وتهيئتها، كإزالة الأعشاب الضارة ونقل روث البهائم الذي تنتجه الماشية سمادا طبيعيا أكثر ثراء في الحظيرة «زيوَشْتْ»، يتم جمعه بعناية ونشره على الأراضي المسقية في أيام مشمسة، ثم بعد ذلك يبدأ العمل في حرثها وزرعها، يعتمد الفلاح البويلولي على البذور المحلية التي ينتجها، وعندما يصل وقت استغلال الأراضي البورية في المناطق الجبلية، يقوم الفلاح بإعداد برنامج خاص لحرث أرضه حسب امكانياته ومتطلباته مع المدة المستغرقة لحرثها، إنها عملية شاقة تتطلب جهداً كبيراً وصبراً لإنجازها نظراً لتضاريس المنطقة وقساوة مناخها، يقوم الفلاح بحرث أرضه في المنطقة الجبلية إلى حدود أطرافها المغطاة بالثلج ثم بعد ذلك ينتظر ذوبانه لحرث ما تبقى منها، تتميز عملية الحرث التقليدي بأفعال اجتماعية تضامنية، لأن الإنسان القروي له علاقة تقليدية قائمة بينه وبين الأرض، إنها طرق لها خصوصيات مهمة في استغلال الأرض تقتضيها ظروف المنطقة وهي كما يلي:

  • إذا كان الفرد يملك دابتين «سَنْ إسَرْدَانْ» بمعنى (2 بْغَالْ) التي تسمى محلياً «تْجُوجَا» قد يقوم بحرث أرضه بنفسه مع الإستعانة بأفراد أسرته.
  • إذا كان يملك دابة واحدة بغل أو بغلة (أسَرْدُونْ أوْ تَسَرْدُونْتْ) يشترك مع أحد مثله ويحرثان أرضهما بالتناوب يوم له ويوم للآخر، وهي العملية المعروفة محلياً «أنْجْ فُوسْ».
  • إذا كان لا يملك دابة، فجيرانه أو غيرهم يمدون له يد العون لحرث أرضه في إطار عملية «تْويزَا».
  • إذا كان وحيداً تمد له يد المساعدة من جيرانه أو غيرهم، لأن المجتمع البويلولي مجتمع أخوي، وهي العملية التي يطلق عليها إسم «إيلْفُوسْ».

إنها عادات اجتماعية تطوعية تعكس مفهوم التآزر والتعاون والترابط بين أفراد المجتمع البويلولي، أهلها طيبون يقضون حياتهم في العمل الجاد والتعاون فيما بينهم. 

تقويم الأعمال الفلاحية:

  • فبراير: الحرث في الأراضي البورية والمسقية لزراعة حبوب القمح والشعير، إنها زراعات مبكرة تسمى «أمَنزو amanzou».
  • مارس: زراعة الخضر في المنطقة المسقية.
  • أبريل: إزالة الأعشاب الضارة في حقول القمح والشعير. 
  • مايو: تقليب وتفتيت التربة مع إزالة الأعشاب الضارة في المزروعات الخضرية. 
  • غشت: وقت الحصاد للقمح والشعير في المنطقة البورية والمسقية، ثم بعد ذلك يتم تحضير الأرض المخصصة سابقا لزراعة حبوب الذرة. تسمى هذه الذرة المزروعة في وقت متأخر «مازوز mazouz». 
  • شتنبر: تبدأ عملية الدرس والتذرية للحبوب وجمع المحاصيل. وجني الخضر كذلك
  • أكتوبر: وقت حصاد الذرة وجمع المحاصيل، ثم تغلق الدورة السنوية في أواخر أكتوبر مع عودة فترة الحرث في شهر فبراير، تترك الأرض بدون تدخل فلاحي لتستريح في فصل الشتاء حتى يحين فصل الربيع.

وخلاصة، يعتمد اقتصاد بني بويلول بشكل أساسي على الفلاحة (الحبوب والخضروات المعدة للاستهلاك الذاتي) وتربية المواشي (الماعز والأغنام التي تتغذى بالعشب في المراعي والغابات القريبة).



الفصول الفلاحية:

وقت بداية الفصول الفلاحية:
  • الخريف: 30 غشت.
  • الشتاء: 29 نونبر.
  • الربيع :28 فبراير.
  • الصيف: 30 مايو.
  • دخول الليالــي: 23 دجنبر ومدتها 40 يوم.
  • دخول العنصرة: 07 يوليوز ومدتها 07 أيام.
  • دخول الصمائم: 25 يوليوز ومدتها 40 يوم.
  • كل شهر ميلادي يسبق الشهر الفلاحي ب 13 يوم.
  • أول السنة الفلاحية تكون يوم 30 غشت أي بداية فصل الخريف الموافق لـ 17 غشت الفلاحي. يتأخر وقت بداية السنة الفلاحية في بعض المناطق الباردة كبني بويلول. (تبدأ السنة الفلاحية عند آيت بويلول في شهر فبراير من كل سنة).
  • يتزامن ‹ينّاير› الأمازيغي مع 12 يناير في التقويم الميلادي.


من الأدوات المستعملة في عملية الحرث في المناطق الجبلية هو المحراث الخشبي «إيمَاسَنْ» المعروف بسكته الحديدية «تَاجَرْسَا»، حرثه سطحي وضعيف، يقتصر عمق الحرث على حوالي 10 سم ويعتمد بشكل كبير على نوع وحالة التربة، كما يتم استعمال أنواع من الفؤوس «ألْجُونْ، تَلْجُونْتْ، أيَزّيمْ، تَيَزّيمْتْ» في أماكن شديدة الإنحدار أو لصلابتها مثلاً «اتْبَادّرْتْ» أو لإزالة الأعشاب الضارة، إنها آلات يدوية لكسر الطبقات الصلبة لتفكيك التربة وتهويتها والمساعدة على تحلل المواد العضوية.

يتغير الجو أحيانا أثناء عملية الحرث وبذر الحبوب في الأراضي البورية، وفجأة ينزل البرد الشديد مصحوب بعاصفة ثلجية عنيفة، مما يجعل المحصول المتوقع معرض للخطر جزئيا نتيجة التجميد الداخلي للحبوب التي تم التخلي عنها وهي عارية تقريبا في أخاديد الحرث التقليدي الضعيف.

وحينما يحل فصل الشتاء القارس الذي يعرف تساقطات ثلجية مهمة، فإن الأغنام يتم ترحيلها إلى المسارح والمراعي ذات مناخ ملائم وخاصة إلى هضاب أعالي ملوية، أما الماعز والبقر والدواب الأخرى تبقى حبيسة الإصطبل «زيوْشْتْ» يعطى لها التبن ونباتات الذرة بدون أكواز «ألُومْ وتِـفـَلّوشِينْ إيغَلْ» التي تجمع وتحتفظ بعد الجني في بيت التخزين يسمى «أنْوَالْ». كما يتم اللجوء في أوقات الشدة عندما يقع الحصار إلى الغابة لقطع بعض أغصان صغيرة من شجرة البلوط الأخضر المورقة الشديدة الخضرة يطلق على العملية «انْقْطَعْ أدَرْنْ»، إضافة إلى جلب جذور نباتات تسمى «أزَنْتَازْ» بعد الحفر عليها يتم تقطيعها وتهيئتها إلى أطراف صغيرة تعطى كعلف للماشية، الإناث يقمن بدورهن كذلك يذهبن إلى الغابة لجمع حطب التدفئة وهو ما يعرف ب «أَزْدَمْ» وتحضير كذلك علف الماشية «أزَنْتَازْ». هكذا نجد أن عمل المرأة يشترك مع مهام أخرى غير المطبخ، مثل الحصاد والتغذية والعناية بالماشية وجلب الحطب ومياه الشرب.
وعندما تصفر السنابل وتنضج الحبوب بعد التأكد من صلابتها، تبدأ عملية الحصاد (تامجْرا) تحت أشعة الشمس الحارقة وسط النهار وبرودة المناخ صباحاً ومساءً، يقوم الفلاح بعملية الحصاد يدوياً بمساعدة أفراد أسرته، تستعمل الأيادي لإزالة القمح والشعير إذا كانت سيقانها قصيرة يطلق عليها اسم «بُوزُوبَعْ»، وهي العملية المعروفة بــ «انْحَتْشْ بُوزُوبَعْ»، أما آلة المنجل تستعمل حينما تكون سيقان القمح أو الشعير طويلة، يقوم الرجال والنساء لعملية الحصاد وأولادهم خلفهم يجمعون ما تم حصده على شكل أكوام صغيرة من السنابل تسمى «تِحَزْمينْ إيمَنْدي مفرد تَحَزْميشْتْ»، ثم بعد ذلك يتم جمعها كاملة لتشكل كومة كبيرة تسمى «تَشْمينْتْ إيمَنْدي». 
وبعد انتهاء من عملية الحصاد يتم نقل المحصول إلى البيادر «إنورَارْ» التي تم إعدادها جيداً ودكها بالدكاك (أزْدُوزْ). تتم عملية النقل على ظهر الدواب باستعمال ما يعرف ب «تْرَاتْشَا» وهي شبكة مصنوعة من نبات الحلفاء، أو في «إشليقنْ، مفرد: أشليقْ»، وَ«أشليقْ» وعاء كبير منسوج بشكل جيد من الصوف وشعر الماعز، متساوي الطرفين، يتم ربطه على ظهر الدابة بعد ملئه بالسنابل، وكل طرف يسمى «تَغْمَا أوشليقْ»، يستعمل لنقل المحاصيل  بكيفية حسنة للحفاظ على الحبوب التي تتساقط من السنابل أثناء نقلها من المنطقة الجبلية عبر مسالك وعرة وضيقة التي  تستغرق وقتا طويلا لتجاوزها، ثم بعد ذلك تجرى عملية الدرس في البيدر«أنْرَارْ» باصطفاف عدد من البغال جنباً إلى جنب لدك السنابل أثناء عملية الدوران حول ركيزة خشبية تسمى «تَايَجْديتْ أونْرَارْ».



وبعد فصل الحبوب جيداً يشرع في عملية البذر«أَزُوزّرْ» للحصول على شكل كومة من الحبوب مصفاة تسمى «تيرَجْتْ إيمَنْدي»، تستعمل المذراة «تَزَّرْتْ» لفصل التبن عن الحبوب وكذلك «اللّوحْ» لفصل بقايا التبن الصغيرة حتى تصفى الحبوب جيداً ولا تشوبها شائبة، أما ما يَتَبَقِّى بعد استعمال آلة اللّوحْ يسمى «أَشَرْفَا». وغالباً ما تطلق ألفاظ «أشَرْفَا، أفْغُولْ نْدْرَا، أشْبَيُو، أقَزّيوْ» على الذين لا فائدة ترجى منهم بسبب عجزهم وخمولهم، أو تقاعسهم في تنفيذ الأوامر، أو لنعت إنسان صعب الطباع ومتقلب المزاج، علماً بأن الجميع لا يقبل أن يوصف بهذا الوصف المذل الذي ينقص من كرامة الإنسان وقيمته وخاصة عندما ينعت بلفظة من هذه الألفاظ أمام الحاضرين، وقد تحفزهم وتجعلهم هذه العبارة على نفض الغبار ومراجعة النفس والقيام بالمهام المنوطة بهم، ولا مضيعة للوقت، لأن البيئة البويلولية تقتضي الإنضباط في القول والفعل وفي الزمان والمكان. لكن في الوقت الراهن، بدأت الأمور تتغير شيئا فشيئا بسبب الهجرة التي اختفت معها جل الأنشطة الفلاحية، كما تم اقتناء في السنين الأخيرة جرار فلاحي وآلة الدرس الثابتة التي عوضت اليد العاملة وذهب معها كل الألفاظ والحركات التي كانت تستعمل في عملية الحرث والدرس التقليدي. نعم للحضارة والتجديد والمعاصرة، لكن للأصالة والأنشطة القديمة لها أيضا ميزتها وقيمتها في الحفاظ على الهوية.

ولما ينتهي الفلاح من عملية الدّرس، يقوم بجمع المحصول أو ما يطلق عليه (البركة)، هو النماء والزيادة إن شاء الله دون تقزيمه رغم تدني مردوديته على صعيد المنطقة، يتم نقله على البغال في وعاء يسمى (سَاشُو)، تقاس كمية المحاصيل الزراعية من الحبوب بعدد المحصّل عليه من وعاء (سَاشُو) أو ما يعرف عند البعض بالتليس، يقال باللهجة المحلية (إيْهْـسِي رَبْعَا إيساشَانْ) أي حصل على أربعة من وعاء سَاشُو ممتلئة بالحبوب، يستوعب كل سَاشُو 40 وحدة من وعاء تقرديشت (3كلغ)، أي ما يعادل 120 كلغ من الحبوب، وَ(سَاشُو) عبارة عن نسيج من الصوف وشعر الماعز يتم خيطه إلى كيسين كبيرين مرتبطين في الوسط بشكل متوازن ومتساوي الطرفين، يسمى كل طرف «تغْمَا أوسَاشُو»، يملأ بحبوب القمح والشعير ثم ينقل على ظهر الدابة إلى البيت ليخزن في مستودعات  متوسطة الحجم مصنوعة من ألواح خشب شجرة الأرز تسمى محليا تيخُوزَانْ مفرد تَخْزَانْتْ.
 توضع مستودعات الحبوب وسط المنزل، قد تكون صغيرة أو كبيرة حسب الكمية المدخرة، أما ما ستحتاج إليه الأسرة في كل يوم من كمية الحبوب فغالباً ما تخزن في أكياس متوسطة وصغيرة (تخنشيين) توضع بجانب المستودعات، يتم غسلها من حين لآخر ونشرها تحت أشعة الشمس لتنشيفها وتيبيسها، وبعد ذلك يتم غربلتها وتنقيتها ثم تنقل إلى مطحنة تقليدية (تَسيرْتْ وَامَانْ) أي رحة ماء تقليدية التي تحتوي القرية على سبعة منها أيام عزها ونشاطها، وفي بعض الحالات التي يستحيل فيها استعمال طاحونة الماء نظراً لظروف قاهرة كسقوط الثلوج والأمطار الغزيرة، يلجؤون إلى استعمال طاحونة يدوية تقليدية (تَسيرْتْ أوفُوسْ) المتوفرة احتياطياً داخل كل منزل لطحن كمية الحبوب وقت الإحتياج، وهذه الرحى هي آلة بدائية مصنوعة ومنقوشة من الحجر الخشن الثقيل، لونه يميل إلى الأسود، وغالباً ما يكون من حجر البازلت الذي يتم جلبه من محجر دوار آيت عبد الله، تستعمل لجرش الحبوب وطحنها إلى أن تصير دقيقاً ناعماً صالح للإستعمال.

الرحة المائية «تَسيرْتْ وَامَانْ»

أسماء أدواتها باللهجة المحلية

أزْدايْ انْلحْديدْ انْتْسيرْتْ - أجرْواوْ انْتسيرْتْ - أيزيمْ انْلحْديدْ انْتسيرْتْ - لرْياشْ انْتسيرْتْ - أزْياوْ انْتْسيرْتْ - لفران انْتسيرْتْ - أقْزوزْ انْتْسيرتْ - تيسيرا أومْري اتنْوافلا أكد اتنْوادا. إنها أداة حجرية توضع داخل بيت مبني على مجرى ساقية ماء ذو صبيب مهم، تشتغل بالطاقة المائية.

الرحة اليدوية  «تَسيرْتْ أوفوسْ»


أسماء أدواتها باللهجة المحلية

تيسيرا أومْري اتنْوافلا أكدْ اتنْوادا - فوسْ انْتسيرتْ انْلخْشبْ. إنها أداة حجرية توضع داخل المنزل وتعمل بالطاقة اليدوية، تستخدم لطحن حبوب القمح والشعير وتحولها إلى مسحوق ناعم.

ولما ينتهي سكان القرية من جمع المحاصيل الفلاحية من حب وتبن في المنطقة السقوية «لَوْلَجْتْ»، يأذن أمْغَارْ للجميع في إدخال ماشيتهم لترعى في الحصائد كلها بدون استثناء، أما فيما يخص الأراضي البورية بالمنطقة الجبلية يقوم كل فلاح بإدخال ماشيته لترعى في أرضه المحصودة.


وبعد التحرر من هذه العمليات اليدوية الشاقة التي تستغرق وقتا طويلاً، يتم الإستعداد للموسم الفلاحي المقبل بكل دقة وتفكير، ﻷن مناخ المنطقة معروف بتذبذباته وتقلباته وغير مستقر، معروف بتساقطات مهمة من أمطار وثلوج كثيفة، وكم من مرة وقعت رعدة مطرية مصحوبة بالبَرَدِ لم تكن في الحسبان نتج عنها فيضان أدى إلى إغراق كل شيء أمامه وخاصة في المنطقة السقوية «أجَرْسيفْ»، وبقوة سيلانه جرف بعض الأراضي وغطى الأخرى بالأتربة والحصى «أشَرْشَارْ»، كما تختفي الحدود الفاصلة بينها والتي تتطلب جهداً كبيراً من العمل لتحديدها. 
يؤثر المجال الجبلي على مختلف الأنشطة التي يزاولها الإنسان، إنه يعد رمزا للاستقرار، إنه حاجزاً طبيعياً ومكاناً لكل أنواع المتاعب.


google-playkhamsatmostaqltradent