تاريخ الاستيطان:
تعد بني بويلول من القبائل الأمازيغية المتمركزة على سفح جبل بوناصر. استوطنت هذه المنطقة النائية منذ أكثر من عشرة قرون. تحتوي على عدة أماكن ما زالت تحمل أسماء أمازيغية قديمة. فأسماء دوارير القرية والوديان والشعاب والجبال وقممها والتلال والهضاب والفجاج والأراضي الفلاحية والمراعي والغابات كلها تحمل أسماء أمازيغية محضة. إنه دليل قاطع على تشبث الساكنة المحلية بثقافة تدبير شؤون الأرض. كما حافظوا على ثقافة لغتهم الأصلية الأمازيغية التي تعد أداة التواصل اليومي بين جميع فئات المجتمع. وفي العموم، حافظوا على ثقافتهم الأصلية ونظامهم الاجتماعي وعاداتهم وتقاليدهم العرفية التي ورثوها عن أجدادهم.
طبيعة التضاريس:
تعتبر بني بويلول من المناطق الجبلية بامتياز، تحيط بها سلسلة من الجبال الشاهقة والتلال والهضاب والشعاب. تمتاز بمناخ بارد متذبذب وغير مستقر. تقع في منطقة نائية وعرة يصعب الولوج إليها، تعاني من العزلة بسبب ما تعرفه من تساقطات ثلجية معتبرة.
الثقافة البويلولية:
الثقافة القروية بصفة عامة هي كل ما يؤثر في حياة الإنسان من أقوال وأفعال مع مجموعة من الطقوس التقليدية والعادات المتوارثة المستمدة من روح التعايش في الوسط الشعبي. تعتبر الثقافة محركا أساسيا للتنمية المستدامة على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والبيئي. إنها عنصر أساسي من روافع التنمية القروية. هي مجموعة القيم والمعتقدات والاتجاهات والعواطف. ترتبط بالعادات المتجذرة في التقاليد وعقليات الناس. تمتاز بني بويلول بنظامها السياسي الخاص ونمط اقتصادها وطقوسها وأعرافها ومعتقداتها. متمسكة بالتنوع الثقافي والاجتماعي كالإبداع في الحرف اليدوية والاحتفال بالمناسبات الدينية والأفراح وغيرها. أهلها معروفون بلكنتهم ولهجتهم وسلوكهم المتصف بالأخلاق الحميدة القرآنية. فالبويلولي ليس كالقروي في السياق العام المعروف بلغته الخشنة كما يقولون. إنه إنسان لين الطبع معروف باستقامته، يتواصل مع مختلف شرائح القبائل بكل أريحية، يتواصل بطريقة شفهية عبر مجموعة من كلمات محلية هادئة التي تبين المعنى، يحافظ على التقاليد والعادات الموروثة عن أجداده، يجتنب التعصب والأخطاء في حق الأفراد والمجتمع، يمتاز بصفات حميدة تبعده عن الغلو والتطرف، يرضى بالقليل ويكتفي بما هو موجود، يتأقلم مع الواقع المعاش ويرضى بما قسمه الله، متشبث بالقناعة والصبر وقوة التحمل، هكذا كان السكان يتعاطون مع الحياة كما هي في قرية تتصف بالهدوء والصفاء ، إنهم أناس صلحاء يعملون ولا يعرفون الكلل، الكل مشغول بمهامه اليومية الدينية والدنيوية، تسود بينهم أواصر المحبة والوقار والتآزر، يحافظون عل القيم الاجتماعية المبنية على الاستقامة والانضباط والإخلاص في العمل والاحترام المتبادل، متشبثين بهذه الصفات الحميدة التي جعلت القرية خالية من ثقافة التعصب الجاهلي.
المرافق الثقافية:
تحتوي بني بويلول على مدرسة ابتدائية ومسجدين وسبعة كتاتيب قرآنية، وهذا طبعا أيام عزها ونشاطها، تتميزالقرية بتعاليم الدين الإسلامي من صلاة وتلاوة القرآن الكريم والأذكار والأمداح النبوية التي لها أثر كبير على النفوس والقلوب، تزرع فيهم روح المروءة والكرم والأخلاق الحسنة والنية الصادقة في المعاملة، يقومون بتعليم القرآن الكريم الذي له أثر إيجابي على الثقافة العقلية ومكنهم من اكتساب سمعة طيبة واحترام وتقدير. يهتمون بجميع المرافق الثقافية وخاصة منها المساجد والمرافق التابعة لها. لكن مع الأسف، اختفت جل هذه الأنشطة بسبب الهجرة ونزوح عدد كبير من الساكنة إلى أماكن أخرى.
حياة المرأة القروية:
الوضعية الاقتصادية:
تعلق الإنسان البويلولي بمسكنه وأرضه وتشبث بمختلف الإنتاج في الأعمال المنزلية والحقلية الزراعية والرعوية، يستيقظ باكرا ويذهب للعمل في الحقول ثم يعود عند غروب الشمس، يعتمد على أنشطة فلاحية معاشية التي لا تلبي حاجيات أسرته، يقوم بزراعة الحبوب المطرية وتربية المواشي. هكذا نجدهم متعلقين بثقافتهم الأصلية المتمثلة في الزراعة وتربية المواشي التي خصصوا لها مكانا داخل المسكن (زيوشت) وخارجه في المراعي (أسنسو)، كما تقوم النساء بتربية الدواجن وجلب أعلاف الماشية من الحقول والمراعي، يعملون بكل جد وحزم داخل بلدتهم وخارجها لضمان العيش الدائم لأسرهم. لكن تدهورت الأوضاع الاقتصادية بسبب ضعف الدخل الفردي، إضافة إلى الظروف القاسية التي تعاني منها الساكنة في المنطقة الجبلية.
أثر الاستعمار على المنطقة:
الاستعمار له أثر كبير في زراعة الفتنة والتفرقة والصراع الثقافي وهدم القيم والأخلاق الإجتماعية. بني بويلول خرجت سالمة من حقبة الاستعمار التي لم تدم طويلا في منطقتها، لم تشهد القرية أي تفكك في نظام الجماعة. يرجع ذلك إلى تشبثها بالثقافة الدينية التي جنبتها عدة أخطار. سكانها لم يعتمدوا على مبادئ الثقافة الاستعمارية كما حصل في بعض الجهات التي مزقتها ونهبت خيراتها.
المجموعات السكنية:
تتكون قرية بني بويلول من دوارين القصر الكبير والقصر الصغير، يحتويان على 84 دار سكنية و947 نسمة وفقا لإحصاء 2004 م، قاموا بإعداد المجال الذي يعيشون فيه حسب ثقافتهم وتصوراتهم وإدراكهم. اختاروا المكان المناسب لإقامة قريتهم فوق قمة هضبة تطل على الأراضي المسقية. يعود إختيار هذا المكان إلى سببين، أولهما اقتصادي وهو تخصيص الأراضي المنبسطة التي تقع على ضفتي الوادي للأنشطة الفلاحية، والثاني أمني وهو إعداد السكن فوق مكان مرتفع لأجل المراقبة.
المعتقدات الدينية:
تحتوي بني بويلول على سبعة أضرحة لأولياء الصالحين المنتشرة في ربوعها، لا يقدسونهم ولا يزورونهم، يعدونهم كسائر القبور الأخرى ولا فرق بينهم. هكذا نجد الثقافة الدينية البويلولية تمنع السكان من زيارة الأضرحة وعدم التعلق والتبرك بها كما اعتاد عليها أهل القرى المجاورة. تحتوي القرية على زاوية يقصدها بعض الزوار من القرى المجاورة لأغراض شخصية، تلعب دورا في تلقين أوراد الطريقة التيجانية، تقوم بأعمال الخير كإطعام المساكين وأبناء السبيل. لكن في الوقت الراهن، انقرضت هذه الزاوية واختفت أنشطتها ولم يبق لها وجود في المنطقة بسبب الهجرة وعدم اتباعها.
السلطة السياسية:
سكان بني بويلول وضعوا لصالحهم قانونا عرفيا لتنظيم حياتهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والدينية، وهو عبارة عن توصيات شفهية ملزمة للجميع ورثوها منذ القدم، إنها منبثقة من طرف الجماعة عن طريق الاتفاق المتبادل. ونظرا لتشبثهم بثقافة القرآن الكريم ومبادئ الدين الإسلامي السمحاء اكتسبوا مكانة طيبة على صعيد المنطقة في الانضباط والاحترام المتبادل، لذا نجد أن جميع المخالفات كيف ما كانت تسوى محليا دون اللجوء إلى أطراف خارجية. القيام بالعودة إلى ما هو متعارف عليه منذ القدم وهو الاعتماد على الحل الودي والتسامح بواسطة الشيوخ وأعيان القبيلة. ونادرا ما تقع حالة أو حالتين من المخالفات الغير المتعمدة، الكل منضبط وملتزم بالقواعد المتفق عليها التي تحرص على مبادئ الأخلاق الدينية وعدم الإضرار بالغير.
عوائق التنمية:
تعاني المنطقة من الضعف التنموي في جميع المرافق العمومية، تعيش في نظام منغلق ومنعزل عن الحياة السياسية، يسود فيه الإهمال والإقصاء وغياب فرص الشغل، لذا يجب العمل على تنمية المنطقة للحد من مظاهر الإقصاء الاجتماعي والاقتصادي في حق الساكنة القروية.
- تدهور البنية التحتية الاجتماعية والاقتصادية.
- انتشار البطالة والفقر.
- انعدام دخل الفرد وفرص الشغل.
- قلة وصغر حجم الأراضي الزراعية وغياب وسائل الإنتاج.
- غياب وسائل النقل والاتصال.
- تدهور الموارد الطبيعية وتفشي آفة الهجرة.
- تدهور قطاغ التعليم والصحة.
- وعورة تضاريس المنطقة وقسوة المناخ.
- صعوبة العيش في نظام بيئي هش.
التنمية المحلية هي العمل على تحقيق المتطلبات الاجتماعية وتوفير الحاجات الأساسية للساكنة.

