recent
أخبار ساخنة

القانون العرفي المنظم لقبيلة بني بويلول

سكان قبيلة بني بويلول ينتمون في الغالب إلى نسب واحد إلى جد أعلى، كلهم تجمعهم من بعيد صلة دم قرابة، وكان القانون الوحيد الذي يخضع له جميع أفراد القبيلة هو قانون عرفي شفوي قد تم إصداره قديماً من طرف الجماعة عن طريق الإتفاق المتبادل، الذي ينص على مجموعة من التدابير والإجراءات المتخذة والإلتزام بها من أجل حماية مصالحهم ضد تقلبات الزمن ومستجداته وآفاته المحتملة.



 القانون العرفي البويلولي عبارة عن توصيات شفوية ملزمة للجميع، يعتبر المحور الأساسي لتنظيم العلاقات الإقتصادية والإجتماعية والفلاحية والسياسية والأخلاقية والثقافية والدينية بين أفراد القبيلة، يشرف عليها أمْغَارْ مع شيوخ وأعيان القبيلة الذين يقومون بمهام المصلحة العامة، يتم تسوية وحل جميع المشاكل محلياً كيف ما كان نوعها دون اللجوء إلى جهات خارجية، وأثناء المخالفات فإن أعيان القرية وشيوخها هم الذين يقومون بإجراءات المصالحة بين الطرفين لتعود المياه إلى مجاريها، قد يحكم على مخالف ما بأداء كمية من الحبوب أو إطعام عدد محدد من الفقراء، ونادراً ما تقع حالة أو حالتين من المخالفات الغير المتعمدة، الكل منضبط وملتزم بالقواعد المتفق عليها التي تحرص على مبادئ الأخلاق الدينية وعدم الإضرار بالغير، أما الأفراح وتنظيم الولائم والصدقات فقد كانت تخضع خضوعـاً عجيبـاً لعادات إجتماعية ثابتة تتضمن قيمـاً خاصة، أذكر منها وليمة الطلبة المعروفة باللهجة المحلية «الزّرْدَة نالطَلْبَة» التي تعقد كل سنة يجتمع فيها فقهاء القرآن، يتلى فيها الذكر الحكيم والأمداح النبوية، ويمتحن فيها الطلبة الجدد لمعرفة مستوى حفظهم لكتاب الله، ومن منهم سينضم إلى المجموعة بعد الحصول على التزكية من الشيوخ القراء.

القطاع الفلاحي له مكانته وقيمته عند بني بويلول، إنه يعد المورد الرئيسي الأول للساكنة، وقد وضعوا له قوانين عرفية شفوية ملزمة للجميع منها احترام الحدود، عدم الإعتداء على ملك الغير، تحديد مواعيد الحرث والحصاد، تنظيم الدورة الزراعية، استعمال مياه السقي بطريقة منظمة، تنظيم طريقة الرعي للمواشي والدواب، استعمال الحبل «أسْغُونْ» لقياس أبعاد الأراضي الفلاحية، يتم تحديد الحد الفاصل بين القطعتين «لَحْدُودْ» بالحجر يسمى «أجْرُورْ يَامْرَا»، المحافظة على الأمانة سلعة كانت أو نقداً حتى ترد إلى صاحبها، أما فيما يخص عقود البيع والشراء، تتم بالتوافق والتراضي بين الطرفين يقومان بضرب كفيهما ببعضهما ببعض، وهكذا تتم عملية البيع والشراء ولا تراجع فيها، كل طرف ملزم بما اتفق عليه، وكذلك في الزواج، يتم تحديد المهر بالتراضي والإتفاق بين الطرفين مما فيه المنفعة للجميع ولو كان قليلا، ثم تختم هذه العمليات بالدعاء الصالح والتوفيق للجميع. 

أما فيما يخص الشأن الديني، فكان دور أحد فقهاء القبيلة الذي أسندت إليه مهمة إمام المسجد «الطّالَبْ نتَمْزيدَا» ينحصر داخل المسجد فقط، إذ يتكفل بصلاة الجماعة والجمعة والآذان وتعليم القرآن للطلبة ، وفي حالة الغياب ينوب عنه أحد من فقهاء البلدة، أما فيما يتعلق بالزواج التقليدي «لَمْلاَشْ» كانت عملية سهلة، فمجتمع القرية مجتمع محدود يرجع في الغالب إلى صلة دم واحدة، فالفتاة المقبلة على الزواج تعمل كل ما في وسعها لتكون زوجة مثالية يقتدى بها.

آيت بويلول تنظمهم قوانين محلية عرفية سنوها لأنفسهم لينظموا بها شؤونهم الفلاحية ومختلف العلاقات الإجتماعية والإقتصادية، تتميز هذه القوانين بالتضامن والإجماع على الأفعال الخيرية والتضامن كإكرام الضيوف وأبناء السبيل ورعاية الأيتام والتآزر فيما بينهم وغيرها، إنها نابعة من الجماعة وبالتالي الكل يساهم ويعمل على تطبيقها والإلتزام بها، إنها شفاهية عند الجميع وغير مكتوبة، وفي الوقت الراهن إن جل الأعراف المتداولة قديماً لم يبق لها أثرعلى الساحة البويلولية. (م. ناجي)


القانون العرفي هو مجموعة من الأعراف والممارسات والمعتقدات المعترف بها وملزمة للجميع.
google-playkhamsatmostaqltradent